ومن أقوال أئمة السنة في فضائل آل البيت:
قال القاضي عيــــاض-رحمه الله-: "سب آل بيتــه وأزواجه وأصحابه وتنقصهم حرام ملعــون فاعله".
وقال الآجري -رحمه الله- في " الشريعة" في "بـاب ذِكْر إيجـاب حُبِّ بني هاشم ، أهل بَيْت النّبيّ
صلى الله عليه وسلم على جميع المؤمنين" :
( واجبٌ على كُلِّ مؤمنٍ ومؤمنة: مَحَبَّةُ أهلِ بَيْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : بنو
هاشم:عليّ بن أبي طالب ، وولدُه ، وذرّيّتُه ، فاطمةُ ، وولدُها ، وذرّيّتُها ، والحَسَن والحُسَين ،
وأولادُهما ، وذرّيّتهما ، وجَعْفر الطّيّار ، وولدُه ، وذرّيّتُه ، وحَمْزة ، وولدُه ، والعَبّاس ، وولدُه ، وذرّيّتُه
رضي الله عنهم.
هؤلاء أهل بَيْتِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، واجبٌ على المسلمين محبّتُهم ، وإكرامُهم ،
واحتمالُهم ، وحُسْنُ مداراتهم ، والصّبْر عليهم ، والدّعاء لهم.
فمَنْ أحسن مِن أولادِهم وذراريهم:فقد تخلق بأخلاق سَلَفِه الكرام الأخيار الأبرار.
ومَنْ تخلق منهم بما لا يحسُنُ من الأخلاق: دُعِيَ له بالصّلاح والصّيانة والسّلامة ، وعاشَرَةُ أهلُ
العقل والأدب ، بأحسن المعاشرة ،وقيل له: نحن نُجِلُّكَ عن أنْ تتخلق بأخلاق لا تُشْبِهُ سلفَك
الكرام الأبرار ، ونغار لمثِلك أنْ يتخلق بما نعلم أنّ سلفك الكرام الأبرار ، لا يَرْضون بذلك ، فمِنْ
محبّتِنا لك ، أنّ نُحِبَّ لك أنْ تتخلق بما هو أشبه بك ، وهي الأخلاق الشّريفة الكريمة ، والله
الموفِّق لذلك) اهـ.
وقال الإمام العلامة يحيى بن يوسف بن يحيى الأنصاري الصَّرْصَري الحنبلي (ت656هـ،شهيداً
على يَدِ المغول لعنهم الله ، لَمّا دخلوا العراق) في قصيدته اللامية العظيمة ، التي ذكر فيها
اعتقاد الحنابلة:
وَأَذكُرُ شَيْئَاً مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِهِ ... فَفَضْلُهُمُ المشهورُ والظاهرُ الجلي
هُمُ العُرْوةُ الوثقى لمتمسكٍ بها ... ونورُ الهدى للمُبصِرِ المُتأملِ
وقال الشّيخ حافظ بن أحمد الحكميّ –رحمه الله- ، في " الجوهرة الفريدة ، في تحقيق العقيدة "
(ص31) ، في " بـاب الخلافة ، ومَحَبَّةِ الصّحابة وأهل البّيْت رضي الله عنهم " :
كَذَا عليٌّ أبُو السِّبْطينِ رَابِعُهُمْ ... بالحقِّ مُعتضِدٌ،للكُفْرِ مُضطهِدُ
فهؤلاءِ بلا شكٍ خِلافتُهُمْ .... بمقتضى النصِّ ، والإجماعُ مُنْعَقِدُ
وأَهلُ بيتِ النّبي والصَّحْبُ قاطبةُ ... عنهمْ نَذُبُّ،وحُبَّ القومِ نعتَقِدُ
والحق في فتنةٍ بين الصِّحابِ جَرَتْ .. هُوَ السكوتُ،وأنَّ الكُلَّ مُجتَهِدُ
والنَّصْرُ أنَّ أبا السِّبطينِ كان هُوَ الْـ ... ـمُحِقُّ مَنْ رَدَّ هذا قَوْلُهُ فَنَدُ
تَبّاً لرَافِضَةٍ ، سُحْقَاً لِنَاصِبَةٍ ... قُبْحَاً لمَارِقَةٍ ، ضَلُّوا ومَا رَشَدُوا
يقول شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم بن تيمية رحمه الله تعالى في عقيدته الواسطية تحت
باب "مكــانة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة والجمـــاعة":
"ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولَّونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: ((أذكّركُم الله في أهل بيتي)) وقال أيضاً للعباس عمه،وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشــم فقال: ((والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي)) وقال: ((إن الله اصطفى بني إسمــاعيل واصطفى من بني إسمــاعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)) ".
يقول العلامة الفقيه صالح الفوزان-حفظه الله- في شرحه لكلام شيخ الإسلام السابق:
"بين الشيخ رحمه الله في هذا مكانة أهل البيت عند أهل السنة والجمــاعة وأنهم يُحبون أهل
بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأهل البيت هم آل النبي صلى الله عليه وسلم الذين حُرِّمتْ عليهم الصدقة وهم آل علي وآل
جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنو الحارث بن عبدالمطلب وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته
من أهل بيته كما قال تعالى: {إنما يُريد الله ليُذهِبَ عنكم الرِّجسَ أهلَ البيت}.
فأهل السنـــة يحبونهم ويحترمونهم ويكرمونهم؛لأن ذلك من احترام النبي صلى الله عليه وسلم
وإكرامه ولأن الله ورسولــه أمــر بذلك،قال تعالى: {قل لا أسألُكم عليه أجراً إلا المودَّة في
القُرْبى}،وجاءت نصوص من السنة بذلك،منها ما ذكر الشيخ.
وذلك إذا كانوا متبعين للسنة مستقيمين على المِلّة،كما كان عليه سلفهم كالعباس
وبنيه،وعليٍّ وبنيه.أما من خــالف السنة ولم يَستقِم على الدين فإنه لا تجوز محبته ولو كان من
أهل البيت..........إلخ"
قال العلامة الفقيه عبدالرحمن بن ناصر السعدي-قدس الله روحه-:
"فمحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واجبة من وجوه:
منها أولاً:لإسلامهم وفضلهم وسوابقهم.
ومنها لما يتميزوا به من قرب النبي صلى الله عليه وسلم واتصالهم بنسبه.
ومنها لما حث عليه ورغب فيه.
ولما في ذلك من علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم..."
يقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في حق أحد الأشراف ؛ مبيناً خطأ الذين أنكروا هذا
الحق: ( وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس حقوقاً فلا يجوز
لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنه من التوحيد بل هو من الغلو ونحن ما أنكرنا إلا إكرامهم لأجل
ادعاء الألوهية فيهم أو إكرام المدعي لذلك) . (مؤلفات الشيخ الإمام (5) الرسائل الشخصية ص
(284).
ويقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب : ( وأما أهل البيت: فقد ورد سؤال على علماء
الدرعية في مثل ذلك، وعن جواز نكاح الفاطمية غير الفاطمي، وكان الجواب عليه ما نصه: أهل
البيت –رضوان الله عليهم- لا شك في طلب حبهم ومودتهم، لما ورد فيه من كتاب وسنة، فيجب
حبهم ومودتهم، إلا أن الإسلام ساوى بين الخلق، فلا فضل لأحد إلا بالتقوى، ولهم مع ذلك
التوقير والتكريم، والإجلال، ولسائر العلماء مثل ذلك، كالجلوس في صدور المجالس، والبداءة بهم
في التكريم، والتقديم في الطريق إلى موضع التكريم، ونحو ذلك، إذا تقارب أحدهم مع غيره في
السن والعلم).( الدرر السنية 1 / 232-233) .
وقال الإمام عبدالعزيز بن سعود بن محمد : ( من عبدالعزيز بن سعود: إلى جناب أحمد بن علي
القاسمي، هداه الله، لما يحبه ويرضاه. أما بعد: فقد وصل إلينا كتابك، وفهمنا ما تضمنه من
خطابك، وما ذكرت من أنه قد بلغكم: أن جماعة من أصحابنا، صاروا ينقمون على من هو متمسك
بكتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن مذهبه مذهب أهل البيت الشريف.
فليكن لديك معلوماً أن المتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما عليه أهل
البيت الشريف فهو لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة. ولكن الشأن: في تحقيق الدعوى بالعمل ) .
ثم قال: ( وأما ما ذكرت: من أن مذهب أهل البيت أقوى المذاهب، وأولاها بالاتباع، فليس لأهل
البيت مذهب، إلا أتباع الكتاب، والسنة، كما صح عن علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-، أنه
قيل له: هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء؟ فقال: لا؛ والذي فلق الحبة، وبرأ
النسمة، إلا فهم يؤتيه الله عبداً في كتابه، وما في هذه الصحيفة... الحديث؛ وهو مخرج في
الصحيحين . وأهل البيت رضي الله عنهم كذبت عليهم الرافضة ، ونسبت إليهم ما لم يقولوه ،
فصارت الروافض ينتسبون إليهم ، وأهل البيت براء منهم ..... ) .
من نونية أبي محمد عبدالله بن محمد السلفي-رحمه الله-:
حبُ الصحــابة والقرابةِ سُنَّةٌ .... ألقى بها ربي إذا أحياني
قال الإمام الشافعي-رحمه الله-:
يـــــا أهل بيت رســول الله حُبكم ..... فرضٌ من الله في القرآنِ أنزله
يكفيكم من عظيم الفخـــر أنكم ..... من لم يصل عليكم لا صلاة له
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
يا سَائِلي عَنْ مَذْهَبِي وعَقيدَتِي *** رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسْأَل
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ في قَـولـِه *** لا يَنْـثَني عَنـهُ ولا يَتَبَـدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ *** وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّــل
جاء في السنة لابن أبي عاصم برقم ( 1017 ) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه
قال : ( ليحبني قوم حتى يدخلون النار فيّ ، وليبغضني قوم حتى يدخلون النار في بغضي ) .
وإسناده صحيح .
وجاء أيضاً في السنة لابن أبي عاصم برقم ( 1018 ) عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( يهلك فيّ
رجلان مُفْرِط في حبي ومُفَرِّط في بغضي ) وإسناده حسن .
قال العلامة محمود شكري الألوسي رحمه الله في تفسير روح المعاني ( 25 / 32 ) : والكثير من
الناس في حق كلٍّ من الآل والأصحاب في طرفي التفريط والإفراط ، وما بينهما هو الصراط
المستقيم ، ثبتنا الله تعالى على ذلك الصراط .
ويقول العلامة صديق حسن خان رحمه الله في هذا السياق أيضاً : وهذه المحبة لهم واجبة
متحتمة علىكل فرد من أفراد الأمة ، ومن حُرِمها فقد حُرم خيراً كثيراً ، ولكن لابد فيها من لفظ
الإفراط والتفريط ، فإن قوماً غلوا فيها فهلكوا ، وفرّط فيها قوم فهلكوا ، وإنما الحق بين العافي
والجافي ، والغالي والخالي . انظر : الدين الخالص ( ص 3 / 351 ) .
إليك طائفة من أقوالهم في ذلك ..
1- قول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ( ت13هـ ) .
روى الشيخان في صحيحيهما عنه رضي الله عنه أنه قال : والذي نفسي بيده ، لقرابة رسول الله
صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي . البخاري برقم ( 4241 ) ومسلم برقم (
1759 ) .
2- قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ت23هـ ) .
روى ابن سعد في الطبقات ( 4 / 22 ) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال للعباس رضي
الله عنه : والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب – يعني والده – لو أسلم
؛ لأن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب .
3- قول زيد بن ثابت رضي الله عنه ( ت42هـ ) .
عن الشعبي قال : صلى زيد بن ثابت رضي الله عنه على جنازة ، ثم قُرّب له بغلته ليركبها ، فجاء
ابن عباس رضي الله عنهما فأخذ بركابه ، فقال زيد : خل عنك يا ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فقال هكذا نفعل بالعلماء ، فقبّل زيد يد ابن عباس وقال ، هكذا أُمِرْنا أن نفعل بأهل
بيت نبينا . الطبقات لابن سعد (2/ 360 ) .
4- قول معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ( ت60هـ ) .
أورد الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( 2/ 140 ) أن الحسن بن علي دخل على معاوية في
مجلسه ، فقال له معاوية : مرحباً وأهلاً بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر له بثلاثمائة
ألف .
وأورد ابن كثير أيضاً في البداية ( 8 / 139 ) أن الحسن والحسين رضي الله عنهما وفدا على
معاوية رضي الله عنه ، فأجازهما بمائتي ألف ، وقال لهما : ما أجاز بهما أحد قبلي ، فقال
الحسين ، ولم تعط أحد أفضل منا .
5- قول ابن عباس رضي الله عنهما ( ت68هـ ) .
قال رزين بن عبيد : كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما فأتى زين العابدين علي بن الحسين ،
فقال له ابن عباس : مرحباً بالحبيب ابن الحبيب . أخرجه أحمد في الفضائل ( 2 / 777 ) .
6- قول أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ( ت321هـ ) .
قال رحمه الله في عقيدته الشهيرة : ( ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا نفرط
في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم ، ولا
نذكرهم إلا بخير ) ..
وقال أيضاً : ( ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه الطاهرات
من كل دنس ، وذريته المقدسين من كل رجس ، فقد برئ من النفاق ) . انظر العقيدة الطحاوية
شرح ابن أبي العز ( ص 467 – 471 ) .
7- قول الإمام الحسن بن علي البربهاري ( ت 329هـ ) .
قال في شرح السنة ( ص 96 – 97 ) : واعرف لبني هاشم فضلهم ، لقرابتهم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وتعرف فضل قريش والعرب ، وجميع الأفخاذ ، فاعرف قدرهم وحقوقهم في
الإسلام ، وموالي القوم منهم ، وتعرف لسائر الناس حقهم في الإسلام ، واعرف فضل الأنصار
ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ، وآل الرسول فلا تنساهم ، واعرف فضلهم
وكرامتهم
- قول أبي بكر محمد بن الحسين الآجري (تاريخ 360 هـ)
قال في كتاب (الشريعة): (واجبٌ على كل مؤمن ومؤمنة محبة أهل بيت رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم ، بنو هاشم: علي بن أبي طالب وولده وذريته ، وفاطمة وولدها وذريتها ،
والحسن والحسين وأولادهما وذريتهما ، وجعفر الطيار وولده وذريته ، وحمزة وولده ، والعباس
وولده وذريته رضي الله عنهم ، هؤلاء أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، واجب على
المسلمين محبتهم وإكرامهم واحتمالهم وحسن مداراتهم والصبر عليهم والدعاء لهم).
- قول الإمام عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني (تاريخ 387 هـ)
قال رحمه الله في النونية:
(واحفظ لأهل البيت واجب حقهم واعـرف عـلياً أيـما عرفان
لا تنتقصه ولا تزد في قدره فعليه تصلى النار طائفتان
إحـداهـما لا ترتضيـه خليفـة وتنصـه الأخرى إلهاً ثاني)
- قول الموفق ابن قدامة المقدسي (تاريخ 620 هـ)
قال في لمعة الاعتقاد: (ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
أمهات المؤمنين المطهرات المبرءات من كل سوء ، أفضلهم خديجة بنت خويلد ، وعائشة الصدّيقة
بنت الصدّيق التي برأها الله في كتابه ، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة ،
فمن قذفها بما برأها الله منه فهو كافر بالله العظيم).
- أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية (تاريخ 728 هـ)
قال في العقيدة الواسطية: ( ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتولونهم ،
ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال يوم غدير خم: أُذكّركم الله
في أهل بيتي ، وقال للعباس عمه وقد اشتكى إليه أنّ بعض قريش يجفو بني هاشم فقال:
(والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي) وقال: (إنّ الله اصطفى بني إسماعيل
، واصطفى من بني إسماعيل كنانة ، واصطفى من كنانة قريشاً ، واصطفى من قريش بني
هاشم ، واصطفاني من بني هاشم).
وقال رحمه الله : ( ولا ريب أنّ لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حقاً على الأمة لا يشركهم
فيه غيرهم ، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش ، كما أنّ
قريشاً يستحقون المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل).
- قول الحافظ ابن كثير (تاريخ 774 هـ)
قال في التفسير: ( ولا ننكر الوصاة بأهل البيت ، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم ،
فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وُجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ، ولا سيما إذا
كانوا متّبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية ، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه ،
وعلي وأهل ذريته رضي الله عنهم أجمعين).
- قول محمد بن إبراهيم الوزير اليماني (تاريخ 840 هـ)
(وقد دلت النصوص الجمة المتواترة على وجوب محبتهم وموالاتهم ، وأن يكون معهم ، ففي
الصحيح: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا) ، وفيه (المرء مع من أحب) ،
ومما يخص أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله تعالى {إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} ، فيجب لذلك حبهم وتعظيمهم وتوقيرهم واحترامهم
والاعتراف بمناقبهم ، فإنهم أهل آيات المباهلة والمودة والتطهير ، وأهل المناقب الجمّة والفضل
الشهير ).
- قول العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (تاريخ 1376 هـ)
قال في كتابه التنبيهات اللطيفة ( فمحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة من
وجوه ، منها:
أولاً: لإسلامهم وفضلهم وسوابقهم.
ومنها: لما يتميّزوا به من قرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم واتصالهم بنسبه.
ومنها: لما حثّ عليه ورغّب فيه).
- قول الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي (تاريخ 1377 هـ)
قال رحمه الله في (سلم الوصول):
(وأهل بيت المصطفى الأطهار وتابعيه السادة الأخيار
فكلهم في مُحكم القرآن أثنى عليهم خالق الأكوان).
- قول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله:
قال في شرح العقيدة الواسطية: (ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون آل بيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، يحبونهم للإيمان ، وللقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا
يكرهونهم أبداً).
منقول من موقع مهتدون
أخبار الأسرة الشريفة في المملكة العربيةالسعودية ابن حسين أشراف الخرج والدلم الحسنيون جدهم ابن حسين بن محسّن صاحب الريع ( ريع المحسّن ) يقع جنوب غرب الدلم سيد من سادات أشراف نجد كان الريع تحت حمايته يؤمن من دخله ويلجأ إليه المحتاج إلى الحماية ويعرفه أهل البادية بقوتة وشجاعته قال عنهم الشاعر انتم هل العادات يوم الأكاوين ** أشراف يعرف طيبها من قصدها ريع المحسّن من كبار العناوين ** مواقف الأبطال محدن جحدها قبيلة تنهج على العز بالدين *** ال المحسّن من ركايز عمدها
الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015
الاثنين، 14 سبتمبر 2015
إحدى وخمسون مسألة في الأضحية للشيخ خالد الهويسين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه ومن استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين
أما بعد
فهذه إحدى وخمسون مسألة في الأضحية( الأضاحي ) أملاها شيخنا المحدث الشيخ خالد بن عبدالعزيز الهويسين فيمجلس عقد بعد صلاة العشاء من يوم الأربعاء 4\12\1431هـ نفعنا الله بعلمالشيخ ، وهي :
1. الأضحية ضبطها بضم الهمزة ويجوز الكسر والأشهر الضم.
2. سميت الأضحية بذلك ؛ لأنها تذبح ضحى يوم العيد وما بعده من الأيام المحددة شرعا في الذبح .
3. أجمع العلماء رحمهم الله على مشروعية الأضحية وأنها سنة ومستحبة .
4. التحقيق والصحيح من قولي أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة وإنما هي سنةمؤكدة ، يدل على ذلك ما ثبت عند مسلم " وأراد أن يضحي " وجه الدلالة أنه لوكان واجبا لم يخيره بالإرادة .
5. أجمع العلماء على أن الأضحية تكون من بهيمة الأنعام يعني الإبل والبقر والغنم .
6. ما جاء عن بعض السلف وهم قليل كبلال وغيره من جواز التضحية بالطيور كالديك والبط وغيرهما قول شاذ لا يعول عليه.
7. أجمع العلماء على أن بداية التضحية هو يوم العيد وهو اليوم العاشر من ذي الحجة .
8. يجب في الإبل أن تكون بلغت خمس سنين وفي البقر سنتين وفي المعز سنة وفي الضأن نصف ذلك يعني ستة أشهر.
9. أفضل أنواع التضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم وقال بعضهم بالعكس وهو خلاف التحقيق.
10. يستحب أن تكون الأضحية سمينة وبيضاء وذات قرون فقد خرج أبو داود وغيرهمرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأضحية الكبش الأقرن وهو حديثحسن صحيح.
11. التضحية في بلد المضَحي أفضل لفعله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة والتابعين لهم بإحسان .
12. يجوز أن يضحي خارج بلده ولا كراهية في ذلك .
13. من الواجب على من أشرك نفسه في الأضحية أن يمسك عن ظفره وشعره إذا دخل أول يوم من شهر ذي الحجة.
14. إذا أخذ من ظفره أو شعره ناسياً أو جأهلاً لا شيء عليه ولا فدية .
15. إذا أخذ من شعره أو ظفره عامداً لم يجز له ذلك وصحت أضحيته ولا فدية عليه.
16. قول من قال بأن الأخذ من الظفر والشعر مكروه غير صحيح وهو مخالف للنصالناهي عن ذلك وإنما هو محرم والأصل في النواهي التحريم ولا صارف لذلك.
17. السنة والمستحب أن يباشر ذبح أضحيته بنفسه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
18. من السنة التي تركت في الأضحية وقل أو عدم فعلها التضحية في المصلى فقدبوب البخاري رحمه الله في ذلك وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف .
19. إذا كان المضحى به إبلا ، فالسنة أن تنحر وهي قائمة وأنكر ابن عمر رضي الله عنهما على من نحرها وهي باركة .
20. إذا كان المضحى به بقرا أو غنما ، فإنه يضجعها على شقها الأيسر ويتناول السكين باليد اليمنى ويباشر الذبح باليد اليمنى.
21. لو أضجع الأضحية على شقها الأيمن وذبح صح وأجزأته.
22. يشرع عند الذبح أن يقول بسم الله والله اكبر صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك.
23. إذا نسي المضحي التسمية ولم يذكرها أجزأت أضحيته ولا كراهية في ذلك.
24. يستحب أن تقول عند الذبح اللهم هذا منك وإليك جاءت النصوص بذلك.
25. قال ابن تيمية رحمه الله معنى اللهم هذا منك أي : هذا تفضلاً من رزقك وعطاياك ومعنى إليك أي : يتقرب به إليك وحدك.
26. هل يجوز أن يباشر الذبح من عليه حدث أكبر يعني جنابة ؟ الجواب : نعم يجوز ولا حرج في ذلك.
27. يستحب للمرأة أن تباشر ذبح أضحيتها بنفسها وقد كان أبو موسى يأمر بناته بذلك صح عنه ذلك.
28. لو ذبحت المرأة أضحيتها وهي حائض أو نفساء صح ذلك ولا كراهية فيه.
29. هل الأفضل في الأضحية السمينة أو من هي أكثر ثمناً رجح ابن تيمية الثاني.
30. أيهما أفضل التضحية بواحدة غالية الثمن أو بأعداد لكنها رخيصة الثمن ؟ الجواب : الغالية الثمن أفضل رجحه ابن تيمية رحمه الله.
31. من السنة كما في حديث أبي أيوب عند أهل السنن بأن يضحي الرجل عن نفسه وعن أهل بيته بواحدة تكفي وكلما زاد فهو أفضل.
32. هل يشرع التضحية عن الجنين الذي في بطن أمه ؟ الجواب : لا يشرع ذلك.
33. الصحيح والتحقيق كما دلت عليه السنة أن التضحية جائزة من الحي والميت.
34. كل من نوى وأدخل نفسه في الأضحية فإنه يمسك عن أخذ شعره وظفره الذكر والأنثى .
35. من وكل إنسانا في ذبح أضحيته فإن الموكَل يجوز له الأخذ من شعره وظفره وإنما الذي لا يأخذ هو الموكِل.
36. لو وكل إنساناً خارج بلده فإن الموكِل يمسك عن أخذ شعره وظفره.
37. من دخلت عليه العشر ولم ينو التضحية فله الأخذ من شعره وظفره فإنجاءته النية بعد دخول العشر وأراد التضحية وجب عليه الإمساك عن شعره وظفرهحتى يضحي.
38. هل يجوز أن يشترك الإخوة والأخوات أو بعض الأقارب في قيمة أضحيةواحدة يعني : في ثمنها ؟ الجواب يجوز ذلك ونص عليه بعض الأئِمة كأبي حنيفةوالشافعي وغيرهم.
39. لا يجوز في الأضحية العوراء ولا العجفاء(الهزيلة) ولا العمياء ولاالعرجاء البين عرجها ولا المجنونة ولا الهتماء ولا الجداء (التي ذهبثدياها)وكل ماجاء النص الصحيح بمنعه فيمنع.
40. هل يجوز التضحية بمن ذهب أحد ثدييها وضمر ؟ الجواب : يجوز مع الكراهية.
41. يجوز التضحية بخرقاء الأذن.
42. إذا اشترى أضحية سليمة وتعيبت عنده جاز التضحية بها.
43. إذا اشترى أضحية فسرقت منه أو ضاعت ولم يجدها إلا في آخر شهر ذي الحجة فماذا يصنع ؟ الجواب : دلت آثار السلف على ذبحها والتضحية بها.
44. آخر وقت الذبح للأضحية هو غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق.
45. ما روي عن بعض السلف كالحسن أنه إلى أول محرم قول شاذ لا يعول عليه.
46. نقل بعض أهل العلم الإجماع على عدم جواز بيع لحوم الأضحية.
47. من الأفضل في الأضحية توزيع بعضها وادخار بعضها.
48. ما هو مشتهر بين الناس أنه يجب توزيع الثلث وإبقاء الثلث وتوزيع الثلث الآخر على الفقراء والمساكين هذا لم يدل عليه دليل.
49. لو لم يوزع من أضحيته شيئا صحت وأجزأته وجاز ذلك.
50. لا يجوز أن يعطي الجزار من الأضحية شيئا مقابل جزارته صح الحديث بذلك.
51. يجوز للمضحي أن يذبح أضحيته ليلاً أو نهاراً.
تمت المسائل المتعلقة بالأضحية وهي إحدى وخمسون مسألة ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
اللجنة الإعلامية
أسرة السادة ابن حسين أشراف نجد أشراف اليمامة أشراف الخرج أشراف الدلم
السبت، 12 سبتمبر 2015
شرح لامية العرب للشنفري بالصور
أفضل وأسهل شرح بالصور
لامية العرب
للشاعر الجاهلي
ثابت بن أوس الزهراني الأزدي
أقدم قصيدة بلسان العرب
تحوي معاني ومفردات غريبة
يوجد الفاظ مشابهة لألفاظ من القرآن الكريم
لم يحرص العرب على تحفيظها لأبنائهم لأنها تدعوا للعيش مع الوحوش وترك المدنية
تحتوي على بعض الآداب اللتي سبق بها العرب الأمم الأخرى
1- أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
بنو الأم : الأشقاء أو غيرهم ما دامت تجمعهم الأم ، واختار هذه الصِّلة لأنًها أقرب الصِّلات إلى العاطفة والمودَّة . والمطيّ : ما يُمتَطى من الحيوان، والمقصود بها، هنا، الإبل. والمقصود بإقامة صدورها: التهيؤ للرحيل. والشاعر يريد استعدادهم لرحيله هو عنهم لا لرحيلهم هم ، وربما أشار بقوله هذا إلى أنَهم لا مقام لهم بعد رحيله فمن الخير لهم أن يرحلوا والميل هنا أفعل لرغبته الميل لقوم غيرهم .
2- فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
حُمَّت: قُدِّرتْ ودُبِّرت. والطِّيَّات: جمع الطِّيَّة ، وهي الحاجة، وقيل: الجهة التي يقصد إليها المسافر. وتقول العرب: مضَى فلان لطيَّته، أي لنيّته التي انتواها. الأرْحل: جمع الرحل، وهو ما يوضَع على ظهر البعير. وقوله:" واللَيل مقمِر " كناية عن تفكيره بالرحيل في هدوء ، أو أنه أمر لا يُراد إخفاؤه. ومعنى البيت: لقد قُدِّر رحيلي عنكم ، فلا مفرّ منه ، فتهيؤوا له .
3- وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ المَنأى : المكان البعيد. القِلى: البغض والكراهية. والمتعزِّل: المكان لمن يعتزل الناس. والبيت فيه حكمة: ومعناه أن الكريم يستطيع أن يتجنب الذلّ ، فيهاجر إلى مكان بعيد عمَّن يُنتظر منهم الذلّ ، كما أن اعتزال الناس أفضل من احتمال أذيتهم.
4- لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ
لعمرك: قَسَم بالعمر. سرى: مشى في الليل. راغباً: صاحب رغبة. راهباً: صاحب رهبة. والبيت تأكيد للبيت السابق ، ومعناه أن الأرض واسعة سواء لصاحب الحاجات والآمال أم للخائف.
5- وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ
دونكم: غيركم. الأهلون : جمع أهل. السِّيد: الذئب. العملَّس: القويّ السَّريع. الأرقط: الذي فيه سواد وبياض. زُهلول: خفيف. العرفاء: الضبع الطويلة العُرف. جَيْئَل: من أسماء الضبع. والمعنى أن الشاعر اختار مجتمعاً غير مجتمع أهله ، كلّه من الوحوش ، وهذا هو اختيار الصعاليك.
ويلاحظ عرف الضبع كأنه أناس واقفين كما وصفه علي بن أبي طالب فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ إليَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ[39]، يَنْثَالُونَ[40] عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِب، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ
6- هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ
هم الأهل أي الوحوش هم الأهل ، فقد عامل الشاعِرُ الوحوشَ معاملة العقلاء ، وهو جائز. وقوله: "هم الأهل " بتعريف المسنَد ، فيه قَصر ، وكأنَه قال: هم الأهل الحقيقيّون لا أنتم . والباء في " بما " للسببية. والجاني: المقْترف الجناية أي الذنب. جرَّ : جنى . يُخْذَل: يُتَخلّى عن نصرته. والشاعر في هذا البيت يقارن بين مجتمع أهله ومجتمع الوحوش ، فيفضل هذا على ذاك ، وذلك أن مجتمع الوحوش لا يُفْشِي الأسرار، ولا يخذل بعضه بعضاً بخلاف مجتمع أهله.
7- وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ
وكلٌّ: أي كل وحش من الوحوش التي ذكرتها. أبيّ: يأبى الذّلَّ والظلم. باسل: شجاع بطل. الطرائد: جمع الطريدة ، وهي كل ما يُطرد فيصاد من الوحوش والطيور. أبْسَل: أشَدّ بسالَةً. والشاعر يتابع في هذا البيت مدح الوحوش فيصفها بالبسالة ، لكنه يقول إنّه أبسل منها.
8- وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
الجَشع: النَّهم وشدَّة الحرص . وفي هذا البيت يفتخر الشاعر بقناعته وعدم جشعه ، فهو، وإنْ كان يزاحم في صيد الطرائد ، فإنه لا يزاحم في أكلها.
9- وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ
ذاك: كناية عن أخلاقه التي شرحها. البسطة: السعة. التفضُّل: ادّعاء الفضل على الغير ، والمعنى أنَّ الشاعر يلتزم هذه الأخلاق طلباً للفضل والرِّفعة.
10- وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيَاً بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ
التعلّل: التلهِّي ، والمعنى: ليس في قربه سلوى لي ، يريد : أني فقدتُ أهلًا لا خير فيهم ، لأنهم لا يقدِّرون المعروف ، ولا يجزون عليه خيراً ، وليس في قربهم أدنى خير يُتَعلّل .
11- ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ : فُـؤَادٌ مُشَيَّـعٌ وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ
المُشيَّع: الشجاع. كأنَّه في شيعة كبيرة من الناس . الإصليت: السَّيف المُجرَّد من غمده. الصفراء: القوس من شجر النَّبع. العيطل: الطويلة. والمعنى أن عزاء الشاعر عن فقد أهله ثلاثة أشياء: قلب قويّ شجاع ، وسيف أبيض صارم مسلول ، وقوس طويلة العنق .
12- هَتُـوفٌ مِنَ المُلْـسَِ المُتُـونِ تَزِينُـها رَصَائِعُ قد نِيطَـتْ إليها وَمِحْمَـلُ
هتوف: مُصَوِّتة. الملس: جمع ملساء ، وهي التي لا عُقَد فيها. المُتون: جمع المتن ، وهو الصُّلب. والرصائع: جمع الرصيعة ، وهي ما يُرصَّع أي يُحلَّى به. نيطت: عُلِّقت. المِحْمَل: ما يُعلَّق به السيف أو القوس على الكتف. والشاعر في هذا البيت يصف القوس بأنّ لها صوتاً عند إطلاقها السهم ، وبأنَّها ملساء لا عُقد فيها تؤذي اليد ، وهي مزيَّنة ببعض ما يُحلَّى بها ، بالإضافة إلى المحمل الذي تُعلَّق به.
13- إذا زَلََّ عنها السَّهْـمُ حَنَّـتْ كأنَّـها مُـرَزَّأةٌ عَجْلَـى تُـرنُّ وَتُعْـوِلُ
زلّ: خرج. حنين القوس: صوت وترها. مُرزَّأة: كثيرة الرزايا (المصائب). عَجْلى: سريعة. تُرنّ: تصوِّت برنين ، تصرخ. تُعول: ترفع صوتها بالبكاء والعويل. والمعنى أن صوت هذه القوس عند انطلاق السهم منها يشبه صوت أنثى شديدة الحزن تصرخ وتولول.
14- وَأغْدو خَمِيـصَ البَطْن لا يَسْتَفِـزُّنيِ إلى الزَادِ حِـرْصٌ أو فُـؤادٌ مُوَكَّـلُ
خميص البطن ضامره ، يستفزّني : يثيرني . الحِرْص : الشَّرَه إلى الشيء والتمسّك به .
15- وَلَسْـتُ بِمِهْيَـافٍ يُعَشِّـي سَوَامَـه مُجَدَّعَـةً سُقْبَانُهـا وَهْيَ بُهَّـلُ
المهياف: الذي يبعد بإبله طالباً المرعى على غير علم ، فيعطش. السوام: الماشية التي ترعى. مجدَّعة: سيئة الغذاء . السُّقبان: جمع سقْب وهو ولد الناقة الذكَر. بُهَّل: جمع باهل وباهلة وهي التي لا صرار عليها (الصِّرار: ما يُصَرّ به ضرع الناقة لئلا تُرضَع ). يقول: لستُ كالراعي الأحمق الذي لا يُحسن تغذية سوامه، فيعود بها عشاءً وأولادها جائعة رغم أنها مصرورة. وجوع أولادها كناية عن جوعها هي، لأنها، من جوعها، لا لبن فيها، فيغتذي أولادها منه.
16- ولا جُبَّـأٍِ أكْهَـى مُـرِبٍّ بعِرْسِـهِ يُطَالِعُهـا في شَأْنِـهِ كَيْفَ يَفْعَـلُ
الجُبّأ: الجبان. والأكهى: الكدِر الأخلاق الذي لا خير فيه ، والبليد. مُرِبّ: مقيم ، ملازم . عرِسه: امرأته. وملازمة الزوج يدلّ على الكسل والانصراف عن الكسب والتماس الرزق. وفي هذا البيت ينفي الشاعر عن نفسه الجبن ، وسوء الخلق ، والكسل ، كما ينفي أن يكون منعدم الرأي والشخصية فيعتمد على رأي زوجه ومشورتها.
17- وَلاَ خَـرِقٍ هَيْـقٍ كَـأَنَّ فــؤادَهُ يَظَـلُّ به المُكَّـاءُ يَعْلُـو وَيَسْفُـلُ
الخرق: ذو الوحشة من الخوف أو الحياء والمراد، هنا، الخوف. والهيق: الظْليم (ذكَر النعام)، ويُعرف بشدّة نفوره وخوفه. والمُكّاء: ضرب من الطيور. والمعنى: لست مِمَّن يخاف فيقلقل فؤاده ويصبح كأنّه معلّق في طائر يعلو به وينخفض.
18- ولا خَالِــفٍ دارِيَّــةٍ مُتَغَــزِّلٍ يَـرُوحُ وَيغْـدُو داهنـاً يَتَكَحَّـلُ
الخالف: الذي لا خير فيه. يقال: فلان خالفة (أو خالف) أهل بيته إذا لم يكن عنده خير. والدَّاريّ والداريّة: المقيم في داره لا يبرحها. المتغزّل: المتفرّغ لمغازلة النساء. يروح: يسير في الرواح، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى اللَّيل. يغدو: يسير في الغداة، وهو الوقت من الصباح إلى الظهر. والداهن: الذي يتزيَّن بدهن نفسه. يتكحّل: يضع الكحل على عينيه. والمعنى أن الشاعر ينفي عن نفسه الكسل، ومغازلة النساء، والتشبّه بهنّ في التزيّن والتكحّل. وهو يثبت لنفسه، ضمناً، الرجولة.
19- وَلَسْـتُ بِعَـلٍّ شَـرُّهُ دُونَ خَيْـرِهِ ألَفَّ إذا ما رُعْتَـهُ اهْتَـاجَ أعْـزَلُ
العَلّ: الذي لا خير عنده ، والصَّغير الجسم يشبه القُراد. ألفّ: عاجز ضعيف. رعتَه: أخفْتَه. اهتاج: خاف. الأعزل: الذي لا سلاح لديه.
20- وَلَسْـتُ بِمِحْيَارِ الظَّـلاَمِ إذا انْتَحَتْ هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ
(20 ) المِحْيار: المتحيّر. انْتَحَتْ: قصدت واعترضَتْ. الهدى: الهداية، والمقصود هداية الطريق في الصحراء. الهوجل: الرجل الطويل الذي فيه حمق. العِسِّيف: الماشي على غير هدى. اليَهْماء: الصحراء. الهَوْجَل: الشديد المسلك المَهول. وفي البيت تقديم وتأخير. والأصل: لست بمحيار الظلام إذا انتحت يهماء هوجل هدى الهوجل العسيف. والمعنى: لا أتحيّر في الوقت الذي يتحير فيه غيري.
21- إذا الأمْعَـزُ الصَّـوّانُ لاقَـى مَنَاسِمِي تَطَايَـرَ منـه قَـادِحٌ وَمُفَلَّـلُالأمعز: المكان الصّلب الكثير الحصى. الصَّوّان: الحجارة الملس. المناسم: جمع المنسم، وهو خفّ البعير . شبّه قدميه بأخفاف الإبل. القادح: الذي تخرج النار من قدمه. مفلَّل: متكسِّر. والمعنى أنه حين يعدو تتطاير الحجارة الصغيرة من حول قدميه ، فيضرب بعضها بحجارة أخرى ، فيتطاير شرر نار وتتكسَّر.22- أُديـمُ مِطَـالَ الجُـوعِ حتّـى أُمِيتَـهُ وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحاً فأُذْهَـلُأُديم: من المداومة، وهي الاستمرار. المطال: المماطلة. أضرب عند الذِّكْر صَفْحاً: أتناساه. فأذهل: أنساه. يقول: أتناسى الجوع، فيذهب عنّي. وهذه الصورة من حياة الصَّعْلَكَة.23- وَأَسْتَـفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَـهُ عَلَـيَّ مِنَ الطَّـوْلِ امْـرُؤٌ مُتَطَـوِّلُالطَّوْل: المَنّ. امرؤ متطوِّل: منّان. والمعنى أنه يفضل أن يستفَّ تراب الأرض على أن يمدّ أحد إليه يده بفضل أو لقمة يمنّ بها عليه.24- ولولا اجْتِنَابُ الذَأْمِ لم يُلْـفَ مَشْـرَبٌ يُعَـاشُ بـه إلاّ لَـدَيَّ وَمَأْكَـلُالذَّأم والذَّام: العيب الذي يُذمّ به. يُلفى: يوجد. والمعنى: لولا تجنُّبي ما أذمّ به، لحصلت على ما أريده من مأكل ومشرب بطرق غير كريمة.25- وَلكِنّ نَفْسَـاً مُـرَّةً لا تُقِيـمُ بـي علـى الـذامِ إلاَّ رَيْثَمـا أَتَحَـوَّلُمرَّة: صعبة أبيّة. الذَّام: العيب. وفي هذا البيت استدراك، فبعد أن ذكر الشاعر أنّه لولا اجتناب الذمّ لحصل على ما يريده من مأكل ومشرب ، قال إن نفسه لا تقبل العيب قَطّ.26- وَأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَما انْطَوَتْ خُيُوطَـةُ مـارِيٍّ تُغَـارُ وتُفْتَـلُالخَمص: الجوع ، والخُمص: الضُّمر. الحوايا: جمع الحويَّة ، وهي الأمعاء. الخيوطة: الخيوط. ماريّ فاتل، وقيل: اسم رجل اشتُهر بصناعة الحبال وفتلها. تغَارُ: يُحكم فتلها. والمعنى. أطوي أمعائي على الجوع، فتصبح، لخلوّها من الطعام، يابسة ينطوي بعضها على بعض كأنها حبال أُتقن فتلها.27- وأَغْدُو على القُوتِ الزَهِيـدِ كما غَـدَا أَزَلُّ تَهَـادَاهُ التنَائِـفَ أطْحَـلُأغدو: أذهب في الغداة، وهي الوقت بين شروق الشمس والظهر. القوت: الطعام. الزهيد: القليل. الأزلّ: صفة للذئب القليل اللحم. تهاداه: تتناقله وتتداوله. التنائف: الأرضون، واحدتها تنوفة، وقيل: هي المفازة في الصحراء. الأطحل: الذي في لونه كدرة. يشبه الشاعر نفسه بذئب نحيل الجسم جائع يتنقل بين الفلوات بحثاً عن الطعام.28- غَدَا طَاوِيـاً يُعَـارِضُ الرِّيـحَ هَافِيـاً يَخُـوتُ بأَذْنَابِ الشِّعَابِ ويُعْسِـلُالطاوي: الجائع. يعارض الريح: يستقبلها. أي: يكون عكس اتجاهها. وهذا الوضع يساعده على شمّ رائحة الفريسة واتّباعها. الهافي: الذي يذهب يميناً وشمالاً من شدَّة الجوع، وقيل: معناه السريع. يخوت. يختطف وينقض. أذناب: أطراف. الشِّعاب: جمع الشِّعب، وهو الطريق في الجبل. يعسل: يمر مَرَّاً سَهْلاًَ. وفي هذا البيت تتمة لما في البيت السابق من وصف للذئب.29- فَلَما لَوَاهُ القُـوتُ مِنْ حَيْـثُ أَمَّـهُ دَعَـا فَأجَابَتْـهُ نَظَائِـرُ نُحَّـلُلواه: دفعه، وقيل: مطله وامتنع عليه. أَمَّه: قصده. النظائر: الأشباه التي يشبه بعضها بعضاً. نُحَّل: جمع ناحِل، وهو الهزيل الضامِر. يقول: بعد أن يئس هذا الذئب من العثور على الطعام، استغاث بجماعته، فأجابته هذه، فإذا هي جائعة ضامرة كحاله.30- مُهَلَّلَـةٌ شِيـبُ الوُجُـوهِ كأنَّـها قِـدَاحٌ بأيـدي ياسِـرٍ تَتَقَلْقَـلُمُهَلَّلة: رقيقة اللحم، وهي صفة لـ" نظائر " التي في البيت السابق. شِيب: جمع أَشْيَب وشيباء. القِداح: جمع قِدْح، وهو السَّهْم قبل بريه وتركيب نصله، وهو، أيضاً ، أداة للقمار. الياسر: المقامِر. تتقلقل: تتحرك وتضطرب. وفي هذا البيت يصف الشاعر الذئاب الجائعة الباحثة عن الطعام، فإذا هي نحيلة من شدة الجوع، بيضاء شعر الوجه، مضطربة كسهام القمار.31- أوِ الخَشْـرَمُ المَبْعُـوثُ حَثْحَثَ دَبْـرَهُ مَحَابِيـضُ أرْدَاهُـنَّ سَـامٍ مُعَسِّـلُ"أو" للعطف إمّا على الذئب الأزلّ في البيت الذي سبق قبل ثلاثة أبيات، وإمَّا على ، " قداح " التي في البيت السابق، وجاز عطف المعرفة على النكرة لأنه أراد بـ" الخشرم " الجنس إبهاماً، و" قداح " وإن كان نكرةً، فقد وُصف، فاقترب من المعرفة. والخشرم: رئيس النحل. حَثْحَثَ: حرك وأزعج. الدَّبْر: جماعة النَحْل. المحابيض: جمع المحبض، وهو العود مع مشتار العسل. أرداهُنَّ: أهلكهنّ. السامي: الذي يسمو لطلب العسل. المعَسَّل: طالب العسل وجامعه.32- مُهَرَّتَـةٌ فُـوهٌ كَـأَنَّ شُدُوقَـها شُقُوقُ العِصِـيِّ كَالِحَـاتٌ وَبُسَّـلُالمُهَرَّتة: الواسعة الأشداق. الفُوه: جمع "الأفوه " للمذكَّر، والفوهاء للمؤنث، ومعناه المفتوحة الفم. الشدوق: جمع الشّدق، وهو جانب الفم. كالحات: مكشرة في عبوس. البُسَّل: الكريهة المنظر. والشاعر في هذا البيت يعود إلى وصف الذئاب التي تجمّعت حول ذلك الذي دعاها لإنجاده بالطعام، فيصفها بأنها فاتحة أفواهها، واسعة الشدوق، كئيبة كريهة المنظر.33- فَضَـجَّ وَضَجَّـتْ بالبَـرَاحِ كأنَّـها وإيّـاهُ نُوحٌ فَوْقَ عَلْيَـاءَ ثُكَّـلُضجَّ: صاح. البراح: الأرض الواسعة. النوح: النساء النوائح. العلياء: المكان المرتفع. الثكَّل: جمع الثَّكْلى، وهي المرأة التي فقدت زوجها أو ولدها أو حبيباً. والمعنى أن الذئب عوى فعوتِ الذئاب من حوله، فأصبح وإيّاها كأنَّهن في مأتم تنوح فيه الثكالى فوق أرض عالية.34- وأغْضَى وأغْضَتْ وَاتَّسَى واتَّسَتْ بـه مَرَامِيـلُ عَـزَّاها وعَزَّتْـهُ مُرْمِـلُأغْضى: كفّ عن العواء. اتَّسَى، بالتشديد: افتعل من "الأسوة "وهي الاقتداء، وكان الأصل فيه الهمزة، فأبدلت الهمزة ياء لسكونها وكسر همزة الوصل قبلها، ثُم أُبدلت الياء تاء، وأُدغمت في تاء الافتعال. ويروى بالهمزة فيهما من غير تشديد، وهو أجود من الأوّل، لأن همزة الوصل حذفت لحرف العطف، فعادت الهمزة الأصليّة إلى موضعها، كقولك: وائتمنه، والذي ائتمن . والمراميل: جمع المرمل، وهو الذي لا قوت له. والمعنى أن الذئب وجماعته وجدا حالهما متّفقين يجمعهما البؤس والجوع، فأخذ كل منهما يعزِّي الآخر ويتأسَّى به.35- شَكَا وَشَكَتْ ثُمَّ ارْعَوَى بَعْدُ وَارْعَوَتْ وَلَلْصَبْرُ إنْ لَمْ يَنْفَعِ الشَّكْوُ أجْمَلُشكا: أظهر حاله من الجوع. ارعوى: كفَّ ورجع. الشكو: الشَّكوى. وعجز هذا البيت حكمة ، ومفادها أنَّ الصبر أفضل من الشكوى إن كانت غير نافعة.36- وَفَـاءَ وَفَـاءَتْ بَـادِراتٍ وَكُلُّـها على نَكَـظٍ مِمَّا يُكَاتِـمُ مُجْمِـلُفَاءَ: رجع. بادرات: مسرعات، وبادره بالشيء أسرع به إليه. النكظ: شدَّة الجوع. يكاتم: يكتم ما في نفسه. مُجْمِل. صانع للجميل. وفي هذا البيت يتابع الشاعر وصف الذئاب، فيقول إنهنَّ بعد يأسهن من الحصول على الطعام، عدن إلى مأواهنَّ ، وفي نفوسهن الحسرة والمرارة.37- وَتَشْرَبُ أسْآرِي القَطَا الكُـدْرُ بَعْدَما سَرَتْ قَرَبَـاً أحْنَاؤهـا تَتَصَلْصَـلُالأسآر: جمع سؤر، وهو البقيَّة في الإناء من الشراب. القطا: نوع من الطيور مشهور بالسرعة. الكدر: جمع أكدر للمذكَّر وكدراء للمؤنَّث، والكُدرة: اللَّون ينحو إلى السواد. القَرَب: السير إلى الماء وبينك وبينه ليلة. الأحناء: جمع الحنو، وهو الجانب. تتصلصل تصوِّت. والمعنى أنِّي أريد الماء إذا سايرت القطا في طلبه، فأسبقها إليه لسرعتي، فترد بعدي، فتشرب سُؤري.38- هَمَمْتُ وَهَمَّتْ وَابْتَدَرْنَـا وأسْدَلَـتْ وشَمَّـرَ مِنِّي فَـارِطٌ مُتَمَهِّـلُهَمَمْتُ بالأمر: عزمتُ على القيام به ولم أفعله. والتاء في " هَمَّتْ " تعود إلى القطا، والمعنى: أنا وإيَّاها قصدنا الماء. ابتدرنا: سابق كلٌّ منّا الآخر. أسدلت: أرخت أجنحتها كناية عن التعب. الفارط: المتقدِّم، وفارط القوم: المتقذِّم ليصلح لهم الموضع الذي يقصدونه. يقول: ظهر التعب على القطا، وبقيت في قمَّة نشاطي، فأصبحت متقدِّماً عليها دون أن أبذل كلَّ جهدي، بل كنتُ أعدو متمهِّلاً لأنني واثق من السبق.39- فَوَلَّيْـتُ عَنْها وَهْيَ تَكْبُـو لِعُقْـرِهِ يُبَاشِـرُهُ منها ذُقُـونٌ وَحَوْصَـلُولَّيت: انصرفت. تكبو: تسقط. العُقْر: مقام السَّاقي من الحوض يكون فيه ماء يتساقط من الماء عند أخذه من الحوض. الذّقون: جمع الذقن، وهو منها ما تحت حلقومها. الحَوْصل: جمع الحوصلة، وهي معدة الطائر. يقول: سبقت القطا بزمن غير قصير حتى إنِّي شربت وانصرفت عن الماء قبل وصولها مجهدةً تتساقط حول الماء ملتمسةً الماء بذقونها وحواصلها.40- كـأنَّ وَغَـاها حَجْرَتَيـْهِ وَحَوْلَـهُ أضَامِيـمُ مِنْ سَفْـرِ القَبَائِـلِ نُـزَّلُوغاها: أصواتها. حَجْرتاه: ناحيتاه، والضمير يعود على الماء. والأضاميم: جمع الإضمامة، وهي القوم ينضمّ بعضهم إلى بعض في السَّفَر. السَّفْر: المسافرون. نزَّل: جمع نازل، وهو المسافر الذي حطَّ رحله، ونزل بمكان معيَّن، وحوله جماعات من المسافرين حطَّت الرحال محدثةً صخباً كبيراً، والمعنى أن أصوات القطا حول الماء كثيرة حتى كأنَّها أَلََّفت جانبي الماء .41- تَوَافَيْـنَ مِنْ شَتَّـى إِلَيـْهِ فَضَمَّـهَا كما ضَـمَّ أذْوَادَ الأصَارِيـمِ مَنْهَـلُتوافين: توافدن وتجمَّعن، والضمير يعود إلى القطا. شتَّى: متفرِّقة، والمقصود متفرّقة. الأذْواد: جمع ذود، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل. ومن أمثال العرب: " الذَّود إلى الذَّودِ إبل " ، وهو يُضرب في اجتماع القليل إلى القليل حتّى يؤدِّي إلى الكثير. الأصاريم: جمع الصرمة، وهي العدد من الإبل نحو الثلاثين. والمَنْهل: الماء. والمعنى أنَّ أسراب القطا حول الماء تشبه أعداداً كثيرة من الإبل تتزاحم حول الماء.42- فَغَـبَّ غِشَاشَـاً ثُمَّ مَـرَّتْ كأنّـها مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُالعَبّ : شرب الماء من غير مصّ . الغشاش: العجلة. والركب خاصّ بركبان الإبل. أحاظة: قبيلة من اليمن، وقيل: من الأزد. المُجْفل: المنزعج، أو المسرع. والمعنى أن القطا لفرط عطشها شربت الماء غبا، ثمّ تفرقت بسرعة.43- وآلَفُ وَجْـهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِـها بأَهْـدَأَ تُنْبِيـهِ سَنَاسِـنُ قُحَّـلُآلف: أتعوَّد. الأهدأ: الشديد الثبات. تنبيه: تجفيه وترفعه. السناسن: فقار العمود الفقري. قُحَّل: جافة يابسة. يقول: ألفتُ افتراش الأرض بظهر ظاهرة عظامه، حتَّى إنَّ هذه العظام هي التي تستقبل الأرض، فيرتفع الجسم عنها، وهذا كناية عن شدَّة هزاله.44- وَأعْدِلُ مَنْحُوضـاً كـأنَّ فُصُوصَـهُ كعَابٌ دَحَاهَا لاعِـبٌ فَهْيَ مُثَّـلُأعدل: أتوسَّد ذراعاً، أي: أسوِّي تحت رأسي ذراعاً. المنحوض: الذي قد ذهب لحمه. الفصوص: مفاصل العظام. الكعاب: ما بين الأنبوبين من القصب، والمقصود به هنا شيء يُلعب به. دهاها: بسطها. مُثَّل: جمع ماثل، وهو المنتصب. والمعنى أن ذراعه خالية من اللحم لا تبدو فيها إلاَّ مفاصل صلبة كأنها من حديد.اللعب بالعظام من العاب العرب لخفتها45- فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُتبتئس : تلقى بؤساً من فراقه. القسطل: الغبار. وأمّ قسطل: الحرب. و"ما "، في " لما " بمعنى الذي. اغتبطت: سرَّت. والمعنى أنَّ الحرب إذا حزنت لفراق الشنفرى إيَّاها، فطالما سرَّت بإثارته لها.46- طَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ عَقِيرَتُــهُ لأِيِّـها حُـمَّ أَوَّلُطريد: مطرود. الجنايات: المقصود بها غاراته في الصعلكة. تياسرن لحمه: اقتسمنه. عقيرته: نفسه. حُمَّ : نزل، ولم يؤنَّث "حُمَّ " لأنَّه لـ "أيّ " ، ولفظها مذكَّر. والمعنى أنَّه مطارد ممَّن أغار عليهم، وهؤلاء يتنافسون للقبض عليه والانتقام منه.47- تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها حِثَاثَـاً إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُتنام: أي الجنايات، وعبَّر بها عن مستحقِّيها. حثاثاً: سراعاً. تتغلغل: تتوغَّل وتتعمَّق. يقول: إنَّ أصحاب الجنايات في غاية اليقظة للانتقام مني ، وهم إنْ ناموا، فإنَّ عيونهم تظل يقظى تترصَّدني للإيقاع بي. وقيل: المعنى أنَّه إذا قصَّر الطالبون عنه بالأوتار لم تقصَّر الجنايات.48- وإلْـفُ هُمُـومٍ مـا تَـزَالُ تَعُـودُهُ عِيَاداً كَحُمَّـى الرِّبْـعِ أو هِيَ أثْقَلُالإلف: الاعتياد، وهنا بمعنى المعتاد. والربع في الحمّى أن تأخذ يوماً، وتدع يومين، ثمّ تجيء في اليوم الرابع. و"هي": ضمير يعود على "الهموم "، يعني الهموم أثقل عنده من حُمَّى الربع.49- إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُـها ثـمّ إنّـها تَثُـوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَـلُوردت: حضرت، والضمير يعود للهموم. والورد خلاف الصَّدر. وأصدرتها: رددتها. تثوب: تعود. تُحيت: تصغير "تحت". عَلُ: مكان عالٍ. والمعنى أنَّ الشاعر كلَّما صرف الهموم، عادت إليه من كلّ جانب، فهي، أبداً، ملازمة له.50- فإمّا تَرَيْنِي كابْنَـةِ الرَّمْـلِ ضَاحِيَـاً على رِقَّـةٍ أحْفَـى ولا أَتَنَعَّـلُابنة الرمل: الحية، وقيل: هي البقرة الوحشية. ضاحياً: بارزاً للحرِّ والقرّ. رقّة: يريد رقّة الحال ، وهي الفقر. وأحفى: من الحفاء وهو عدم لبس النعل. وفي هذا البيت يتخيَّل الشاعر امرأةً، كعادة الشعراء القدماء ، فيخاطبها قائلاً لها إنه فقير لا يملك ما يستر به جسده من لفح الحرّ والقرّ، ودون نعل ينتعله فيحمي رجليه.51- فإنّي لَمَولَى الصَّبْـرِ أجتـابُ بَـزَّهُ على مِثْلِ قَلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُمولى الصبر: وليّه. أجتاب: أقطع. البزّ: الثياب. السِّمع: ولد الذّئب من الضْبع . أنعل: أتخذه نعلاً. يقول إنّه صبور، شجاع، حازم.52- وأُعْـدِمُ أَحْيَانـاً وأَغْنَـى وإنَّمـا يَنَـالُ الغِنَى ذو البُعْـدَةِ المُتَبَـذِّلُأُعدِم: أفتقر. البعدة، بضمّ الباء وكسرها، اسم للبعد. المتبذِّل: المُسِفّ الذي يقترف ما يُعاب عليه. يقول إنه يفتقر حيناً ويغتني حيناً آخر، ولا ينال الغنى إلا الذي يقصر نفسه على غاية الاغتناء.53- فلا جَـزِعٌ مِنْ خَلَّـةٍ مُتَكَشِّـفٌ ولا مَـرِحٌ تَحْتَ الغِنَى أتَخَيَّـلُالجزع: الخائف أو عديم الصبر عند وقوع المكروه. الخَلَّة: الفقر والحاجة. المتكَشِّف: الذي يكشف فقره للناس. المَرِح: شديد الفرح. المُتخَيِّل: المختال بغناه. يقول: لا الفقر يجعلني أبتئس مظهراً ضعفي، ولا الغنى يجعلني أفرح وأختال.54- ولا تَزْدَهِي الأجْهـالُ حِلْمِي ولا أُرَى سَؤُولاًَ بأعْقَـاب الأقَاويلِ أُنْمِـلُتزدهي: تستخفّ. الأجهال: جمع الجَهْل ، والمقصود الحمق والسفاهة. سؤول: كثير السؤال، أو ملحّ فيه. الأعقاب: جمع العقب، وهو الآخر. أنمل: أنمّ، والنملة، بفتح النون وضمّها، النميمة. والمعنى أنّ الشاعر حليم لا يستخفه الجهلاء، متعفِّف عن سؤال الناس، بعيد عن النميمة وإثارة الفتن بين الناس.55- وَلَيْلَةِ نَحْـسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّـها وَأقْطُعَـهُ اللَّاتـي بِـهَا يَتَنَبَّـلُالنَحْس: البرد. يصطلي: يستدفىء. ربّها: صاحبها. الأقطع: جمع قِطْع، وهو نصل السّهم. يتنبَّل: يتخذ منها النّبل للرمي. والمعنى: ربَّ ليلةٍ شديدة البرد يُشعل فيها صاحب القوسِ قوسَه ونصال سهامه، فيجازف بفقد أهمّ ما يحتاج إليه، ليستدفىء .56- دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتـي سُعَـارٌ وإرْزِيـزٌ وَوَجْـرٌ وَأفَكَلُدعست: دفعت بشدّة وإسراع، وقيل: معناه مشيت. أو وطئت. الغَطْش: الظلمة. البغش: المطر الخفيف. صحبتي: أصحابي. السّعار: شدّة الجوع، وأصله حرّ النار، فاستُعير لشدّة الجوع، وكأنّ الجوع يُحدث حرَّاً في جوف الإنسان. الإرزيز: البرد. والوجر: الخوف. والأفكل: الرعدة والارتعاش.57- فأيَّمْـتُ نِسْوَانَـاً وأيْتَمْـتُ إلْـدَةً وَعُـدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَـلُأيَّمت نسواناً: جعلتُهن أيامى، أي بلا أزواج. والأيِّم: من لا زوج له من الرجال والنساء على حدٍّ سواء. الإلدة: الأولاد. وأيتمتُ إلدة: جعلتهم بلا آباء. أبدأت: بدأت. أليل: شديد الظلمة.58- وأصْبَـحَ عَنّـي بالغُمَيْصَـاءِ جَالسـاً فَرِيقَـانِ: مَسْـؤُولٌ وَآخَرُ يَسْـألُأصبح: فعل ماض ناقص، اسمه "فريقان" ، وخبره "جالساً". ويجوز أن يكون فعلاً تامَّاً فاعله "فريقان"، و"جالساً"، حال. والغميصاء: موضع في بادية العرب قرب مكة . والجَلْس. اسم لبلاد نجد. يقال: جلس الرجل إذا أتى الجَلْس، فهو جالس، كما يقال: أتْهَمَ، إذ أتى تهامة. يقول: كان من نتائج غارتي اللّيليّة، التي وصفها في الأبيات الثلاثة السابقة، أنه عند الصباح أخذ الذين غرت عليهم يسأل بعضهم بعضاً، وهم بنجد، عن آثار غارتي متعجّبين من شدّتها وآثارها الأليمة.59- فَقَالُـوا: لَقَدْ هَـرَّتْ بِلَيْـلٍ كِلَابُنَـا فَقُلْنَـا: أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُـلُهَرَّت: نبحت نباحاً ضعيفاً. عَسَّ: طاف باللَّيل، ومنه العَسَس، وهم حرَّاس الأمن في اللَّيل. الفُرعُل: ولد الضبع. يقول: إن القوم الذين أغرت عليهم يقولون: لم نسمع إلا هرير الكلاب، وكان هذا الهرير بفعل إحساسها بذئب أو بفرعل.60- فَلَمْ يَـكُ إلاَّ نَبْـأةٌ ثُـمَّ هَوَّمَـتْ فَقُلْنَا: قَطَـاةٌ رِيـعَ أمْ رِيعَ أجْـدَلُالنبأة: الصوت، والمقصود صوت صدر مرّةً واحدة ضعيفاً. هوَّمت: نامت ، والضمير في هذا الفعل يعود على الكلاب. القطاة: نوع من الطيور، يسكن الصحراء خاصَّةً. رِيع: خاف. وفاعله "قطاة"، ولذلك كان على الشاعر أن يقول "ريعتْ"، ولم يؤنث لوجهين: أحدهما على الشذوذ، والثاني أنَّه حمل القطاة على جنس الطائر، فكأنَّه قال: طائر ريع. والأجدل: الصَّقْر. وهمزة الاستفهام محذوفة، والتقدير: أقطاة ريعت أم ريع أجَدَلُ. وهذا البيت استدراك للبيت السابق، فقد استدرك القوم الذين أغار عليهم، فقالوا: إن هرير الكلاب لم يستمرّ، وإنَّما كان صوتاً واحداً ضعيفاً، ثم نامت الكلاب، فقالوا، عندئذ، لعل الذي أحسَّت به الكلاب قطاة أو صقر.61- فَإِنْ يَـكُ مِنْ جِـنٍّ لأبْـرَحُ طارِقـاً وإنْ يَكُ إنْسَـاً ما كَها الإنسُ تَفْعَلُأبرح: أتى البَرَح، وهو الشِّدَّة، وقيل: هو أفعل تفضيل من البرح، وهو الشِّدَّة والقوَّة. الطارق: القادم باللَّيل. والكاف في "كها" للتشبيه. والمعنى أن الذين أغار عليهم تعجَّبوا وتَحيَّروا، فقد تعوَّدوا أن يقوم بالغارة جماعة من الرجال لا فرد واحد، وأن يشعروا بها فيدافعوا عن أنفسهم وحريمهم، أمَّا أن تكون بهذه الصورة الخاطفة فهذا الأمر غير مألوف، ولعل الذين قاموا بها من الجنّ لا من الإنس.وهذا البيت شاهد للنحاة على جر الكاف للضمير في "كها" شذوذاً.62- وَيومٍ مِنَ الشِّعْـرَى يَـذُوبُ لُعَابُـهُ أفاعِيـهِ فـي رَمْضائِـهِ تَتَمَلْمَـلُالشِّعرى: كوكب يطلع في فترة الحر الشَّديد، ويوم من الشِّعرى: يوم من الحرّ الشديد. واللّواب (كما في بعض الروايات): اللعاب، والمقصود به ما ينتشر في الحر كخيوط العنكبوت في الفضاء، وإنما يكون ذلك حين يكون الحز مصحوباً بالرطوبة ، الأفاعي: الحيَّات. الرمضاء: شدَّة الحرّ. تتململ: تتحرك وتضطرب. يقول: ربَّ يومٍ شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها على شدَّة الحر.63- نَصَبْـتُ له وَجْهي ولا كِـنَّ دُونَـهُ ولا سِتْـرَ إلاَّ الأتْحَمِـيُّ المُرَعْبَـلنصبت له وجهي: أقمته بمواجهته. الكِنّ ؛ السِّتر. الأتحميّ : نوع من الثياب كالعباءة. المرعبل: المُمَزَّق. وهذا البيت مرتبط بسابقه، ومعناهما: ربَّ يوم شديد الحرارة تضطرب فيه الأفاعي رغم اعتيادها شدَّة الحرّ، واجهت لفح حرِّه دون أيّ ستر على وجهي، وعليّ ثوب ممزّق لا يردّ من الحرِّ شيئاً قليلاً.64- وَضَافٍ إذا طَارَتْ له الرِّيحُ طَيَّـرَتْ لبائِـدَ عن أعْطَافِـهِ ما تُرَجَّـلُالضافي: السابغ المسترسِل، ويعني شَعره. اللبائد: جمع اللبيدة، وهي الشَّعر المتراكب بين كتفيه، المتلبِّد لا يُغْسَل ولا يُمشَّط. الأعطاف: جمع العَطف، وهو الجانب. ترجَّل: تسرَّح وتمشَّط. والمعنى: أنَّه لا يستر وجهه وجسمه إلا الثوب الممزَّق، وشعر رأسه، لأنه سابغ. إذا هبّت الريح لا تفرِّقه لأنّه ليس بِمسرَّح، فقد تلبَّد واتَّسخ لأنَّه في قفر ولا أدوات لديه لتسريحه والعناية به.65- بَعِيـدٌ بِمَسِّ الدُّهْـنِ والفَلْيِ عَهْـدُهُ لـه عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسْل مُحْـوِلُبعيد بمسّ الدهن والفلي أي منذ زمن بعيد لم يعرف الدهن والفَلْي (الفلي: إخراح الحشرات من الشَّعر. العَبَس: ما يتعلَّق بأذناب الإبل والضّأن من الرَّوث والبول فيجف عليها، ويصبح وسخاً. عافٍ : كثير. مُحْوِل: أتى عليه حول (سنة). والأصل: محوِل من الغَسْل. والبيت بكامله وصف لشعره.66- وَخَرْقٍ كظَهْرِ التُّـرْسِ قَفْـرٍ قَطَعْتُـهُ بِعَامِلَتَيْـنِ ، ظَهْـرُهُ لَيْسَ يُعْمَـلُالخَرْق: الأرض الواسعة تتخرَّق فيها الرياح. كظهر الترس: يعني أنَّها مستوية. قَفْر: خالية، مقفرة، ليس بها أحد. العاملتان: رجلاه. والضمير في "ظهره" يعود على الخرق. ليس يُعمل: ليس مِمَّا تعمل فيها الركاب.67- فألْحَقْـتُ أُوْلاَهُ بأُخْـرَاهُ مُوفِيَـاً عَلَى قُنَّـةٍ أُقْعِـي مِرَارَاً وَأمْثُـلُألحقت أولاه بأخراه: جمعت بينهما بسيري فيه، قطعته. والضمير في "أولاه" و "أخراه " يعود على (الخرق) المذكور في البيت السابق. والمعنى: لشدَّة سرعتي لحق أوّله بآخره. موفياً: مشرفاً. القُنَّة: أعلى الجبل، مثل القلَّه. الإقعاء: أن يلصق الرجل ألْيَتَيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويتساند ظهره. أمثل: أنتصب قائماً. يقول: وربَّ أرض واسعة قطعتها مشرفاً من على قمَّة جبل، جالساً حيناً، وسائراً حيناً آخر.68- تَرُودُ الأرَاوِي الصُّحْـمُ حَوْلي كأنّـها عَـذَارَى عَلَيْهِـنَّ المُلاَءُ المُذَيَّـلُترود: تذهب وتجيء الأراوي: جمع الأرويَّة، وهي أنثى التيس البريّ. الصُّحْم: جمع أصحم للمذكر، وصحماء للمؤنث، وهي السوداء الضارب لونها إلى الصفرة، وقيل: الحمراء الضارب لونها إلى السواد. العذارى: جمع العذراء، وهي البكر من الإناث. الملاء: نوع من الثياب. المُذَيَّل: الطويل الذيل.69- ويَرْكُـدْنَ بالآصَـالِ حَوْلِي كأنّنـي مِنَ العُصْمِ أدْفى يَنْتَحي الكِيحَ أعْقَلُيركُدْن: يثبتن. الآصال: جمع الأصيل، وهو الوقت من العصر إلى المغرب. العُصم: جمع الأعصم، وهو الذي في ذراعيه بياض، وقيل: الذي بإحدى يديه بياض. الأدفى من الوعول: الذي طال قرنه جداً . ينتحي: يقصد. الكِيحَ: عرض الجبل وجانبه. الأعقل: الممتنع في الجبل العالي لا يُتوصَّل إليه. والمعنى أن الوعول آنستني، فهي تثبت في مكانها عند رؤبتي، وكأن الشاعر أصبح جزءاً من بيئة الوحوش، وإن كان أخطر وحوشها.الشَّنْفَرَى (توفي نحو 70 ق هـ = 525م) ثابت بن أوس الأزدي، شاعر جاهلي، من فحول الطبقة الثانية. كان من فتاك العرب وعدّائيهم. وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم. قتله بنو سلامان. وقيست قفزاته ليلة مقتله، فكانت الواحدة منها قريبا من عشرين خطوة.[1] [2]
المراجع
1 ـ لامية العرب للشنفري دار العودة اللبنانية بيروت
2 ـ ديوان الشنفرى - جمع وتحقيق دار الكتاب العربي بيروت ، 1996
3 ـ شرح الدكتور إميل بديع يعقوب دار الكتاب العربي بيروت ، 1996
اللجنة الإعلامية
أسرة السادة ابن حسين أشراف نجد أشراف اليمامة أشراف الخرج أشراف الدلم
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)